القرآن الكريم

القرآن الكريم مكتوب كامل

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم 


القرآن الكريم: تعريفه، إعجازه، ودوره الحضاري

المقدمة

يُعدّ القرآن الكريم أعظم كتاب في تاريخ البشرية، فهو كلام الله تعالى المنزل على النبي محمد ﷺ بلسان عربي مبين، وهو المصدر الرئيس للعقيدة والشريعة في الإسلام. تميّز القرآن بخواص جعلته معجزة خالدة، ليس فقط من الناحية البلاغية، وإنما من حيث شموله وتشريعه وصلاحيته لكل زمان ومكان. وقد شكّل القرآن الكريم محورًا أساسيًا في نشوء الحضارة الإسلامية، ومصدرًا لإلهام العلماء والمفكرين عبر العصور.

أولًا: تعريف القرآن الكريم

القرآن لغةً من "قرأ" أي جمع وضمّ. واصطلاحًا: هو كلام الله تعالى المنزل على محمد ﷺ بواسطة جبريل عليه السلام، المتعبد بتلاوته، المنقول إلينا بالتواتر، المكتوب بين دفّتي المصحف، المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس (الزركشي، 1988).

ثانيًا: خصائص القرآن الكريم

1. الإعجاز البلاغي: تحدّى الله العرب وهم أهل الفصاحة أن يأتوا بسورة من مثله، فعجزوا، وبقي إعجازه قائمًا (الخطابي، 1991).


2. الحفظ من التحريف: تكفّل الله بحفظه، فلم ينله ما نال الكتب السابقة من التغيير، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.


3. الشمولية: جمع بين العقائد والعبادات والأحكام والمعاملات والأخلاق.


4. الصلاحية لكل زمان ومكان: لم يقتصر على زمن أو قوم معينين، بل نزل للناس كافة.



ثالثًا: إعجاز القرآن الكريم

لا يقتصر الإعجاز القرآني على الجانب البلاغي فقط، بل يمتد إلى ميادين أخرى:

الإعجاز التشريعي: إذ جاء بأحكام تحقق العدل والمساواة، وتضمن مصالح البشر (القرضاوي، 1999).

الإعجاز العلمي: وردت إشارات كونية وعلمية في القرآن لم تُكتشف حقائقها إلا بعد قرون طويلة (الزندان، 2001).

الإعجاز التربوي والنفسي: يعالج القرآن النفوس، ويزرع الطمأنينة، ويُحدث تغييرًا جذريًا في سلوك الإنسان.


رابعًا: أثر القرآن في بناء الحضارة الإسلامية

كان القرآن الكريم الأساس الذي انطلقت منه الحضارة الإسلامية:

في الجانب العلمي: دفع المسلمين إلى البحث في الكون، فبرعوا في الطب والفلك والرياضيات.

في الجانب الاجتماعي: أسس لمجتمع قائم على العدل والإحسان والتكافل.

في الجانب الثقافي: كان دافعًا لحركة الترجمة والتأليف، وأثرى اللغة العربية بمفردات وأساليب جديدة (شاخت، 1993).


الخاتمة

القرآن الكريم ليس مجرد كتاب ديني، بل هو دستور حياة شامل، جمع بين الهداية الروحية والتشريع العملي، وامتاز بإعجازه وخلوده عبر الزمن. ومهما تقدّمت العلوم والمعارف، يبقى القرآن الكريم منارة هداية، يوجّه الإنسان إلى ما فيه الخير والفلاح في الدنيا والآخرة.


---

المراجع

1. الزركشي، بدر الدين (1988). البرهان في علوم القرآن. دار المعرفة، بيروت.


2. الخطابي، أبو سليمان (1991). بيان إعجاز القرآن. دار الفكر، دمشق.


3. القرضاوي، يوسف (1999). كيف نتعامل مع القرآن العظيم؟. مكتبة وهبة، القاهرة.


4. الزندان، زغلول (2001). الإعجاز العلمي في القرآن الكريم. مكتبة الشروق الدولية، القاهرة.


5. شاخت، جوزيف (1993). تراث الإسلام. ترجمة: لجنة من العلماء، دار الفكر، بيروت.